= كتاب النكاح وما يتصل به من الأحكام والقضايا =
Kifayatul
Akhyar, Juz. II Hal 355-358
النكاح في اللغة الضم والجمع
يقال نكحت الأشجار إذا التف بعضها على بعض
وفي الشرع عبارة عن العقد المشهور المشتمل على الأركان والشروط ويطلق على العقد
وعلى الوطء لغة قاله الزجاج وقال الأزهري أصل النكاح في كلام العرب الوطء وقيل للتزوج
نكاح لأنه سبب الوطء قال الفارسي فرقت العرب بينهما بفرق لطيف فإذا قالوا نكح فلانة
أو بنت فلان أو أخته أرادوا عقد عليها وإذا قالوا نكح امرأته أو زوجته لم يريدوا إلا
الوطء وقال الجوهري النكاح الوطء وقد يكون العقد
واختلف العلماء في أنه حقيقة فيما ذا على أوجه حكاها القاضي حسين
أحدها أنه حقيقة في الوطء مجاز في
العقد والثاني أنه حقيقة في العقد مجاز
في الوطء وهذا هو الصحيح وصححه القاضي أبو الطيب وأطنب في الاستدلال له وبه قطع المتولي
وغيره وبه جاء القرآن العظيم والسنة قال الله تعالى { فانكحوا ما طاب لكم من النساء
} وغيرها من الآيات وقال عليه الصلاة والسلام ( انكحوا الولود ) وغيره من الحديث والثالث أنه حقيقة فيهما بلا اشتراك وقوله
وما يتصل به من الأحكام الأحكام جمع حكم والحكم خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين
سواء كان طلب فعل كالواجب والمندوب أو طلب كف كالحرام والمكروه أو كان فيه تخيير كالإباحة
وقوله والقضايا القضايا جمع قضية والقضية قول يقال
لقائله بأنه صادق فيه أو كاذب والله أعلم قال ( والنكاح مستحب لمن احتاج إليه )
الأصل في مشروعية النكاح الكتاب والسنة
وإجماع الامة قال الله تعالى { وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم
} الآية وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ( تناكحوا تكثروا فإني أباهي بكم الأمم
) ) ونحوه ثم الناس ضربان تائق إلى النكاح وغير تائق فالتائق هو الذي عبر الشيخ عنه
بأنه محتاج إليه تارة يد أهبة النكاح وتارة لا يجدها فإن وجد أهبة النكاح يستحب له
أن يتزوج سواء كان متعبدا أو غير متعبد لقوله عليه الصلاة والسلام يا معشر الشباب من
استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم
فإنه له وجاء والباءة في اللغة الجماع مأخوذ من المباءة وهي المنزل ثم قيل لعقد النكاح
باهة لأن من نكح إمرأة بوأها منزله واختلف في معناها فقيل المراد بالباه الجماع وتقدير
الكلام من استطاع منكم الجماع لقدرته على مؤن النكاح فليتزوج ومن لم يستطع الجماع لعجزه
عن المؤونة فليصم ليقطع شر منيه كما يقطعه الوجاء والوجاء بالمد ترضيض الخصية وقيل
إن المراد بالباءة مؤونة النكاح وفي الحديث الأمر بالنكاح لمن له استطاعة وتاقت نفسه
إليه وهو أمر ندب عند الشافعية وكافة العلماء قاله النووي وعند أحمد يلزمه الزواج أو
التسري إذا خاف العنت وهو الزنا وهو وجه لنا وحجة من قال بعدم الوجوب قوله عز وجل
{ فانكحوا ما طاب لكم من النساء } أناط الحكم باختيارنا واستطابتنا والواجب ليس كذلك
وأما التائق ولكنه عاجز عن مؤن النكاح مثل الصداق وغيره فالأولى في حقه عدم الزواج
ويكسر شهوته بالصوم للخبر فإن لم تنكسر به فلا يكسرها بالكافور ونحوه بل يتزوج فلعل
الله أن يغنيه من فضله الضرب الثاني غير التائق إلى النكاح وله حالتان الأولى أن لا يجد أهبة النكاح فهذا يكره له النكاح
لما فيه من التزام ما لا يقدر على القيام به من غير حاجة وفي قوله عليه
الصلاة والسلام ( يا معشر الشباب ) إشارة إلى مثل ذلك الحالة الثانية أن يجد مؤن النكاح ولكنه غير محتاج
إليه إما لعجزه يجب أو تعنين أو كان به مرض دائم ونحوه فهذا أيضا يكره له النكاح وإن
لم يكن به علة وهو واجد الأهبة فهذا لا يكره له النكاح نعم التخلي للعبادة له أفضل
فإن لم يكن مشتغلا بالعبادة فما الأفضل في حقه فيه خلاف الراجح أن النكاح أفضل لئلا
تفضي به البطالة والفراغ إلى الفواحش والله أعلم قال ( ويجوز للحر أن يجمع بين أربع حرائر والعبد بين
اثنتين ) يحرم على الرجل الحر أن يجمع
بين أكثر من أربع نسوة لأن غيلان أسلم على عشر نسوة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم
أمسك عليك أربعا وفارق سائرهن فلو كان يجوز الجمع بين أكثر من أربع نسوة لما أمره بذلك
وأسلم نوفل بن معاوية على خمس فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أمسك أربعا وفارق الأخرى
وأما العبد فلقوله عليه الصلاة والسلام لا يتزوج العبد فوق اثنتين رواه عبد الحق ونقل
غيره عن إجماع الصحابة والآية مختصة بالأحرار بدليل قوله { أو ما ملكت أيمانكم } والله
أعلم
( فرع ) المبعض إذا اشترى أمة بما ملكه
ببعضه الحر قال في التتمة ظاهر المذهب المنصوص يحرم وطؤها والله أعلم قال ( ولا ينكح الحر أمة إلا بشرطين عدم صداق الحره
وخوف العنت ) لا يحل للحر أن ينكح أمة الغير
إلا بشروط الأول والثاني ما ذكره الشيخ
والثالث أن لا يقدر على نكاح حرة مسلمة
أو كتابية على الصحيح فإن قدر على حرة مسلمه أو كتابية لم تحل له الأمة فإن فقدت الحرة
بالكلية أو وجدت ولكن كان بها مانع ككونها رتقاء أو قرناء أو مجذومة أو رضيعة أو معتمدة
عن غيره فله نكاح الأمة على الأصح وحجة ذلك قوله تعالى { ومن لم يستطع منكم طولا أن
ينكح المحصنات المؤمنات } إلى قوله { ذلك لمن خشي العنت منكم } فذكر الله تعالى الطول
وذكر المحصنات وهن الحرائر ذكر العنت أما الطول فهو الصداق ولهذا قال جابر رضي الله عنه من وجد صداق
حرة لا ينكح أمة ومثله عن ابن عباس رضي الله عنهما فمن وجد صداق حرة في موضعه لم يحل
له نكاح الأمة فلو قدر على صداق حرة لكن به عله لا ترضى به حرة أصلا بسببها فله نكاح
الأمة للضرورة ولو كان قادرا على صداق حرة لكن في غير موضعه بأن كان الصداق في بلدة
أخرى فله نكاح الأمة كما تصرف إليه الزكاة فقول الشيخ عدم صداق الحرة أي في موضعه ولو
رضيت الحره بلا مهر أو بمؤجل وغلب على ظنه قدرته عليه عند المحل أو بيع منه شيئ بالأجل
بقدر ما يفي بصداقها أو وجد من يستأجره بأجرة حالة أو كان له مسكن أو خادم يفي ثمنه
بالصداق وهو محتاج إليه حلت له الأمة في الأصح ولو وجد من يقرضه المهر جلت له الأمة
في الأصح ولو وهب له مال أو جارية لم يلزمه القبول وحلت له الأمة لكثرة المنة في ذلك
ولو لم يجد إلا حرة لم ترض إلا بأكثر من مهر مثلها وهو قادر عليه فقال البغوي لا ينكح
الأمة نقله الرافعي قلت وقاله القفال والطبري والله أعلم ونقل المتولي جوازه والله
أعلم وقال الإمام الغزالي إن كانت زيادة بعد بذلها إسرافا حلت الأمة وإلا فلا قال النووي
قطع آخرون بموافقة المتولي وهو الأصح
( فرع ) لو كان للشخص ولد يلزمه
إعفاف أبيه وبذل مهر حرة له لا يحل له نكاح الأمة وكذا لو وجد دون مهر المثل فقط ووجد
حرة ترضى به لم تحل له الأمة في الأصح والله أعلم وأما العنت في الأصل فهو المشقة والهلاك
والمراد به هنا الزنا لأنه سبب مشقة الجلد أو الرجم الذي فيه هلاكه وليس المراد بخوف
الزنا أن يغلب على ظنه الوقوع فيه بل المراد أن يتوقعه لا على وجه الندور وليس غير
الخائف من علم أنه يتجنب الزنا ولكن غلبة الظن بالتقوى والاجتناب ينافي الخوف فمن غلبته
شهوته ورق تقواه فهو خائف ومن ضعفت شهوته وهو يستشبع الزنا لدين أو مروءة أو حياء فهو
غير خائف العنت وإن غلبت شهوته وقوي تقواه ففيه تردد لإمام الحرمين والأصح أنه لا يجوز
له نكاح الأمة وبه قطع الغزالي لأنه لا يخاف الوقوع في الزنا وخائف العنت لو قدر على
شراء أمة لم يحل له نكاح الأمة في الأصح ولو كان في ملكه أمة لم يحل له نكاح الأمة
والله أعلم الشرط الرابع في جواز نكاح الأمة
أن لا تكون تحته حرة يمكنه الاستمتاع بها فإن كان متزوجا بحرة كذلك فليس له نكاح الأمة
سواء كانت زوجته مسلمة أو كتابية حرة أو أمة لأنه غير خائف العنت أما لو كانت لا يمكنه
الاستمتاع بها لصغرها أو هرمها أو غيبتها أو جنونها أو جذامها أو برصها أو رتق أو قرن
أو إفضاء بها ففيه خلاف والصحيح الحل لعدم فائدة هذه الزوجه إذا لا تمنع خوف العنت الشرط الخامس أن تكون الأمة
المنكوحة مسلمة لقوله تعالى { فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات }
واعلم أن سبب منع نكاح الأمة
إرقاق الولد لأن الولد يتبع الأم في الرق والحرية والشارع متشوف إلى دفع الرق فلو كانت
الأمة المسلمة لكافرفهل يجوز أم لا وجهان أحدهما
لا يجوز ويشترط كون الأمة لمسلم لئلا يملك الكافر الولد المسلم والأصح الجواز لحصول
الإسلام في الأمة المنكوحة والله أعلم
( فرع ) للحر المسلم أن يطأ أمته
الكتابية دون المجوسية والوثنية اعتبارا بالنكاح والله أعلم ( فرع ) من اجتمعت فيه الشروط ليس له نكاح أمة صغيرة
لا توطأ على الأصح لأن لا يأمن العنت ومن بعضها حر كالرقيقة فلا ينكحها حر إلا لوجود
الشروط ولو قدر على نكاح المبعضة فهل يباح له نكاح الرقيقة المحضة فيه تردد لإمام الحرمين
لأن إرقاق بعض الولد أهون من إرقاقه كله وإذا جاء ولد من الأمة المنكوحة فالولد رقيق
لمالكها سواء كان الزوج حرا عربيا أو غيره وفي القديم أن العرب لا يجري عليهم الرق
فيكن ولد العربي على هذا حرا وهل على الزوج قيمته كالمغرور أم لا شيء عليه لأن السيد
حين زوجها عربيا رضي فيه قولان والحاصل أن شروط نكاح الأمة أربعة أن لا يجد صداق حرة
وأن يخاف الزنا وأن لا يكون تحته حرة صالحة للاستمتاع وأن تكون الأمة مسلمة والله أعلم
( فرع ) نكح الحر الأمة بالشروط
ثم أيسر ونكح حرة لا ينفسخ نكاح الأمة على الصحيح لأنه يغتفر في الدوام مالا يغتفر
في الابتداء والله أعلم ( فرع ) نقل الرافعي
عن فتاوي القاضي حسين لو أن الشخص زوج أمته يواجه صداق حرة فأولادها أرقاء لأن شبهة
النكاح كالنكاح الصحيح والله أعلم قال
( ونظر الرجل إلى المرأة على
سبعة أضرب
أحدها نظره إلى أجنبية لغير حاجة
فغير جائز ) وقال صاحب المنظومة ** ونظر الفحل
إلى النساء ** على ضروب سبعة فالرائي ** ** إن كان قد قيل لأجنبية ** فامنع لغير حاجة
مرضية ** والرجل هو البالغ من الذكور وكذا المرأة هي البالغة من الإناث إن لم يرد
بالألف واللام الجنس ثم إن النظر قد لا تدعو إليه الحاجة وقد تدعو إله الحاجة الضرب الأول أن لا تمس إليه الحاجة فحينئذ يحرم
نظر الرجل إلى عورة المرأة الاجنبية مطلقا وكذا يحرم إلى وجهها وكفيها إن خاف فتنة
فإن لم يخف ففيه خلاف الصحيح التحريم قاله الاصطخري وأبو علي الطبري واختاره الشيخ
أبو محمد وبه قطع الشيخ أبو إسحاق الشيرازي والروياني ووجهه الإمام باتفاق المسلمين
على منع النساء من الخروج حاسرات سافرات وبأن النظر مظنة الفتنة وهو محرك الشهوة فالأليق
بمحاسن الشرع سد الباب والإعراض عن تفاصيل الأحوال كما تحرم الخلوة بالأجنبية ويحتج
له بعموم قوله تعالى { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم } وهل للمراهق
النظر وجهان أصحهما أن نظره كنظر البالغ لظهوره فيه على عورات النساء فعلى هذا المعنى
أنه كالبالغ ويجب على المرأة أن تحتجب عنه كما أنه أيضا يلزمها الاحتجاب من المجنون
قطعا ويلزم الولي أن يمنعه من النظر كما يلزمه أن يمنعه من الزنا وسائر المحرمات وأما
حكم الممسوح وهو الطواشي قال الأكثرون نظره إلى المرأة الأجنبية كنظر الرجل إلى محارمه
وعليه يحمل قوله تعالى { أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال } والثاني أنه كالفحل مع الأجنبية ولأنه يحل له نكاحها
قال النووي المختار في تفسير غير أولي الأربة أنه المغفل في عقله الذي لا يكترث بالنساء
أو لا يشتهيهن كذا قاله ابن عباس وغيره رضي الله عنهم والله أعلم
واعلم أن من جب ذكره فقط أوسلت
خصيتاه فقط والعنين والشيخ الهرم حكمهم كحكم الفحل على ما قاله الأكثرون وأما مملوك
المرأة وعبدها فهل هو كالمحرم فيه خلاف قال الرافعي الأصح نعم قال النووي ونص عليه
الشافعي وهو ظاهر الكتاب والسنة وفيه نظر من جهة المعنى والله أعلم
قلت صحح النووي في نكت المهذب
أنه كالرجل الأجنبي فيحرم عليه النظر ويجب عليها الاحتجاب منه كذا صححه ابن الرفعة
في المطلب وهو قوي حسن فلتكن الفتوى عليه والقائلون بالجواز شرطوا أن يكون العبد ثقة
ذكره البغوي وكذا المرأة قاله الهروي وهو ظاهر متعين وتسمية بعضهم له بأنه محرم لها
فيه تساهل ولهذا لو لمسها أو لمسته انتقض وضوؤهما قطعا والمحرم لا ينتقض وضوؤه ولا ينقض وضوؤها
فإطلاق المحرمية مع ذلك ممنوع والله أعلم وهذا الذي ذكرناه من نظر الرجل إلى المرأة
هو فيما إذا كانت حرة وأما إذا كانت المرأة أمة فماذا ينظر منها فيه أوجه قال الرافع
أصحها فيما ذكره البغوي والروياني يحرم النظر إلى ما بين سرتها وركبتها وفيما سواه
يكره والثاني حرم ما لا يبدو حال الخدمة دون غيره والثالث أنها كالحرة وهذا غريب لا
يكاد يوجد لغير الغزالي انتهى قال النووي قد صرح العمراني وغيره بأن الأمة كالحرة وهو
مقتضى إطلاق الأكثرين وهو أرجح دليلا والله أعلم
قلت ينبغي أن يفصل فيقال إن كانت
الأمة شوهاء فالمتجه ما قاله الرافعي وإن كانت جميلة كبعض جواري الترك فالصواب الجزم
بالتحريم فإن بعض الجوار لها حسن تام والبعض بالعكس والمعنى المحرم للنظر الجمال لأنه
مظنة الافتتان والله أعلم ولو كانت الحرة عجوزا فألحقها الغزالي بالشابة قال لأن الشهوة
لا تنضبط وهي محل الوطء وقال الروياني إن بلغت مبلغا يؤمن الافتتان بالنظر إليها جاز
النظر إلى وجهها وكفيها لقوله تعالى { والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا }
الآية
( فرع ) ما حكم الصغيرة حكى الرافعي
في النظر إليها وجهين وقال الأصح الجواز ولا فرق بين عورتها وغيرها غير أنه لا ينظر
إلى الفرج قال النووي جزم الرافعي بأنه لا ينظر إلى فرج الصغيرة ونقل صاحب العدة الاتفاق
على هذا وليس كذلك بل قطع القاضي حسين بجواز النظر إلى فرج الصغيرة التي لا تشتهي والصغير
وقطع به في الصغير المروزي وذكر المتولي فيه وجهين والصحيح الجواز لتسامح الناس بذلك
قديما وحديثا وأن إباحة ذلك تبقى إلى بلوغه سن التمييز ومصيره بحيث يمكنه ستر عورته
عن الناس والله أعلم
0 komentar:
Posting Komentar